تقع قرى واوسي الى الشمال من مدينة الجيلي على بعد لا يتجاوز السبعة كيلومترات، والزائر للمنطقة يصاب بحالة من خيبة الأمل عندما تطأ قدماه واوسي، ورغم ان المنطقة لا تختلف كثيراً عن قرى الريف السوداني إذ لم يشفع للمنطقة قربها من الحضر في التمتع بالخدمات وأبسطها خطوط المياه والامداد الكهربائي والبيئة المدرسية المثلى، كما أن تراجع عائدات الانتاج الزراعي فاقم في زيادة اللون الغاتم لهذه المجمعات التي يتجاوز عدد سكانها الـ(25) ألف نسمة، كانت البداية زيارة لبعض المستنيرين من أبناء المنطقة لجريدة (الصحافة) مطالبين الصحيفة زيارة المنطقة وتلمّس هموم سكانها خاصة الصحية والتي تزايدت في السنوات الأخيرة بسبب التطورات البيئية التي برزت في أعقاب إنشاء مصفاة الجيلي للبترول والتي تبعد عن المنطقة بحوالى (9) كيلومترات، ومما ضاعف من المخاوف توجه ولاية الخرطوم في إنشاء منطقة صناعية جديدة لا تبعد كثيراً عن مجمع القرى ما يعني أن البيئة مهددة بالمزيد من الافرازات الملوثة..
(الصحافة) ايماناً منها في طرح قضايا الناس انتقلت الثلاثاء الماضي إلى مجمع قرى واوسي..
كانت البداية بقرية الشيخ ورغم أنني قد قررت ان يكون مدخلي لهذا التحقيق هو مقابلة بعض مرضى الربو وحساسية الصدر التي انتشرت بالمنطقة، إلا أن الحال التي صارت إليها مدرسة الأساس بالشيخ علي أثارت حفيظتي، فالمدرسة التي تقع غربي طريق التحدي تفتقد لدورة مياه دعك عن السور المتهدّم والذي كان قوامه الطين اللين فاستغربت جداً وهالني واقع البيئية المدرسية التي ندفع إليها فلذات أكبادنا وبعد وصولي كان عليَّ مقابلة حمزة ادريس (30) سنة وهو مزارع أصيب بالربو الحاد، لم نجد حمزة بالمنزل وعلمت من اسرته أن الاطباء نصحوه بمغادرة بيئته إن كان يروم العلاج، ولو كانت هنالك استحالة في مغادرة البلدة فعليه التحرك الدائم وألا يمكث في المكان أطول من فترة معينة حددوها له وكان لحظة وصول (الصحافة) في جولة وفقاً للوصفة الطبية.. من هنالك اتجهنا صوب منزل خالد الشيخ العمدة حيث ابنه خالد وهو في السابعة من عمره أصيب بحساسية الصدر عندما كان في الخامسة من العمر يقول محمد الذي يتمتع بروح الدعابة وشقاوة الصغار إن معاناته مع المرض تتمثل في الكحة المتواصلة ليلاً يقول والده خالد الشيخ العمدة، اصابة محمد بالربو كانت امراً محزناً لان هذا النوع من الامراض يقيِّد الصغير كثيراً وعندما سألت خالد عن ظهور المرض في الاسرة من قبل اجابني ليس بين أفراد الاسرة من اصيب بالربو او الحساسية، وإن كنت تعتقد ان للأمر علاقة بالوراثة فذلك غير صحيح، كما أن الربو وحساسية الصدر بات مرضاً منتشراً بالمنطقة في اعقاب انشاء مصفاة الجيلي وذلك بسبب الغازات التي لوّثت البيئة بالمنطقة.. اصابة الصغير بنوبات الصدر دفع اسرته لشراء جهاز يساعد الصغير على التنفس حتى بلوغ المستشفى واثناء حديثي الى خالد دخل علينا الشاب حمزة ادريس الذي سبق واشرنا الى انه كان خارج المنزل عند وصولي لمنزله، قلت لحمزة ما هي حكايتك مع المرض؟ فأجابني: «أصبت بحساسية في الصدر بعد عام 2003 والاسرة ليس بها اي مريض اي ان الحساسية التي اصابتني لم تك وراثية». واضاف حمزة ان المرض يشتد عليه بعد تكثيف الغازات الصادرة من المصفاة خاصة في فترة الشتاء التي تشهد انقلاب تيار الهواء فالرياح الجنوبية تعني لي حالة من سكون المرض اما عند مجئ الرياح الشمالية فإنها تأتي محملة بالغازات الصادرة عن المصفاة وهي بالنسبة للمرضى فترة حرجة جداً. ومضى حمزة للقول إن الاطباء نصحوه بالبعد عن القرية لان بيئتها ملوثة ولكن حمزة يرى ثمة استحالة في البعد عن القرية التي توجد بها مزارع واملاك القرية، حمزة اضاف ان اصابته بالازمة اضافة لآثارها الصحية لكنها الحقت اضراراً اقتصادية بليغة بأسرته التي ظلت تعتمد عليه في زراعة وفلاحة الأرض.
في قرية واوسي العكودة التي تفتقد لخطوط الامداد المائي والكهربائي التقيت شيخ ادريس ابراهيم احمد (عامل) حدثني قائلاً ان القرية شهدت في السنوات الاخيرة انتشاراً في امراض الحساسية واجهاض الحوامل، قلت لشيخ إدريس لا مكان لديّ للانطباع الشخصي فمن هن النسوة اللاتي تعرضن للاجهاض فذكر لي الرجل أن زوجتيه تعرضت للاجهاض بسبب التلوث الناجم عن المصفاة كما أنني فقدت من قبل ابني الذي كان في شهره السادس والسبب هو الربو كما افاد بذلك الأطباء بمستشفى الحوادث بالخرطوم.
المشكلة ليست في الواقع البيئي الراهن الذي اورث العباد المرض والتلوث البيئي القاتل، هكذا حدثني عبدالرحيم الطاهر رئيس اللجنة الشعبية بواوسي وسط بل إن الخطر القادم أخطر وعندما سألت الرجل عن ماهية الخطر القادم قال هنالك مخطط لمدينة صناعية جديدة تعمل على تنفيذها ولاية الخرطوم وتجاوز العمل فيها المسح الاولي الى بدء توزيع خطوط المياه، والمنطقة الجديدة وفقاً لحديثه يحدها من الشرق الطريق الدائري إلى المصفاة وغرباً شرقي طريق التحدي ببعد لا يتجاوز الأربعة كيلومترات من الطريق. ويضيف رئيس اللجنة الشعبية بواوسي وسط: « نحن لسنا ضد قيام المنطقة الصناعية طالما جاءت لخدمة الاقتصاد الوطني، وقد سبق لاهل واوسي ان باركوا تشييد المصفاة عندما ادركوا اهميتها وجدواها للاقتصاد السوداني ونسبة لما الحقته المصفة من آثار بيئية فإننا نناشد الولاية بترحيل المنطقة الصناعية الجديدة الى الشرق من الموقع الراهن على ان يقام مشروع زراعي في هذا الموقع حتى تسهم المساحات الخضراء في امتصاص الغازات الصادرة عن المصفاة.
التقارير الصحية الصادرة عن الوحدات العلاجية بالمنطقة والتي حصلت عليها الصحيفة تشير الى ارتفاع واضح في الاصابة بالامراض الناجمة عن التلوث البيئي، فالتقرير الصادر عن شفخانة واوسي وسط الذي حصلت عليه (الصحافة) اشار الى ان نسبة الاصابات بأمراض الربو وحساسية الصدر والسل كانت قبل عام 2000 في حدود (650) مريضاً لتتصاعد معدلات الإصابة بهذه الأمراض بصورة جنونية -على حد وصف التقرير لتبلغ (1500) حالة خلال الفترة من 2000-2008، وفي خطابها الى الرعاية الصحية الاولية بالمحلية والولاية، طالبت اللجنة الشعبية بواوسي الشيخ عبدالقادر بمواجهة الارتفاع المتزايد لحالات الاجهاض بالمنطقة.
الخبير الكيماوي بشير محمد عبيد قال لـ(الصحافة) إن الوضع البيئي بمنطقة واوسي قد تأثر سلباً بقيام مصفاة الجيلي لأن المصفاة تتسبب في تلوث الهواء نتيجة للسحابة الضبابية السوداء التي تتكوّن من بخار الماء والدخان وبعض الغازات خاصة أن المصفاة تطلق في الهواء (100) مادة كيماوية تتضمن غازات ثاني اكسيد الكربيتوالميثان والدايوكسين وكلوريد الهايدروجين والكلور والبنزين والامونيا، ومعظم هذه الغازات مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري ولها أضرار على صحة الانسان والحيوان، كما يمتد أثرها ليشمل النبات، ويضيف بشير محمد عبيد وهو اضافة لخبرته العلمية فهو عضو بالجمعية السودانية لحماية البيئة ورئيس فرع الجمعية بمنطقة واوسي يضيف قائلاً إن الآثار البيئية للمصفاة قد اثرت سلباً على منطقة واوسي الواقعة في المصفاة، وقد اشارت التقارير الطبية الواردة من الوحدات العلاجية بالمنطقة إلى بروز الأمراض الناجمة عن التلوّث والغازات الضارة مثل الكبريت وأكاسيده.. وانتقد بشير التصريحات المنسوبة للمدير التنفيذي للمصفاة والتي أشار فيها الى عدم ضرر غاز الكبريت والغازات الاخرى الصادرة عن المصفاة على الانسان، واصفاً ذلك الحديث بأنه استخفاف صريح بعقول البشر لان اطلاق الكبريت في الهواء ينتج عنه ثاني أكسيد الكبريت وبوجود الاكسجين في الهواء ينتج ثالث أكسيد الكبريت وجود اكاسيد الكبريت في الغلاف الجوي يسبب التهابات الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، اضافة الى التهاب العينين وبالنسبة للتراكيز العالية فإن خمسة اجزاء في المليون لثاني اكسيد الكبريت وجزء واحد في المليون من ثاني اكسيد الكبريت يتجاوز أثرها الأجزاء العليا من الجهاز التنفسي الى تحطيم الخلايا الرئوية خاصة وسط كبار السن ليمتد الأثر السالب للنبات من خضر وفواكه وغيرها لتظهر عليها البقعة الصفراء ويمتد الأثر لهطول الامطار الحمضية ذات الآثار المدمرة على كافة الاحياء.
سألت اهل واوسي.. ماذا تطلبون؟ فقال عبدالرحيم الطاهر رئيس اللجنة الشعبية بواوسي وسط إننا نناشد ولاية الخرطوم ووزارة التخطيط العمراني بالولاية العمل على ايقاف العمل بالمنطقة الصناعية الجديدة والعمل على نقلها شرقاً بعيداً عن القطاع السكني مع العمل على قيام المشروع الزراعي في الأراضي المقترحة للمنطقة الصناعية الجديدة، لأن قيام المشروع يسهم في تنقية البيئة من خلال امتصاص القطاع النباتي للكثير من الغازات السامة العالقة في سماء المنطقة، ووافقه بشير محمد عبيد الخبير الكيماوي الذي طالب بإبعاد المنطقة الصناعية الى مسافة (45) كيلومترا مع اقامة محطة قياس للتلوث بالمنطقة واشتراط الحصول على دراسة جدوى بيئية لأي مشروعات صناعية مرتقبة.
(الصحافة) نقلت قضية التلوث البيئي بمنطقة واوسي للدكتور محمد علي عبدالحليم مستشار الولاية للبيئة وقلت له: إنه ورغم حالة الاختناق التي تعانيها المنطقة فإن الولاية تسعى لاقامة اكبر منطقة صناعية مما يعني المزيد من المخاطر فقال: «هنالك توجيه تخطيطي من الولاية يقضي بإبعاد المنشآت الصناعية عن المناطق ذات القطاع السكني، كما انه لن تكون هنالك اية مناطق صناعية جديدة إلا بعد اكتمال المخطط الهيكلي للخرطوم الكبرى» وهنا قاطعت المستشار بأن الولاية بدأت التنفيذ بدليل خطوط المياه التي يجري تنفيذها فقال: إن خطوط المياه المشار إليها تأتي في اطار استراتيجية الولاية الرامية لتوفير الامداد المائي للقرى ومناطق الريف والمخططات السكنية الجديدة.. ومضى دكتور محمد علي للقول «بالنسبة لمنطقة واوسي فقد كان هنالك اجتماع عام بحضور المعتمد وأكثر من (600) شخص شمل تمثيل اللجان الشعبية والشخصيات العامة واستمع الاجتماع لوجهة نظر مواطني المنطقة وأكد الاجتماع على عدم إلحاق أي أضرار بسكان المنطقة بإقامة منشات صناعية جديدة».
من المحرر:
سكان المناطق التي ستضيف المشاريع القومية الكبرى ينالهم الكثير من خيراتها فكنانة عمدت في بواكير سنواتها على توفير شبكات المياه وأقامت المدارس النموذجية وأنشأت المستشفيات التي استجلبت لها أميز الكوادر في الحقل الطبي، وكذلك الأمر في مناطق البترول وفي الجزيرة امتدت خدمات التنمية الاجتماعية للقرى والبلدات على امتداد المشروع، أما في واوسي فيبدو أن أهلها لن ينالوا من خير المصفاة إلا غازاتها القاتلة، لقد رأيت بأم عينيَّ مدارس الأساس التي تفتقر للبيئة المدرسية فمدرسة الشيخ علي تفتقر لدورات المياه دعك عن سور المدرسة المتهالك الذي ينتظر مال التنمية بالولاية.. أما حلم أهل واوسي العكودة في خطوط الامداد الكهربائي والمائي فيبقى كالعنقاء والخل الوفي وحتى لا نبخس الناس اشياءهم فقد قدمت المصفاة بعض الدعم لعدد من المساجد المحدودة بالمنطقة هكذا حدثني الأهالي..
(الصحافة) ايماناً منها في طرح قضايا الناس انتقلت الثلاثاء الماضي إلى مجمع قرى واوسي..
كانت البداية بقرية الشيخ ورغم أنني قد قررت ان يكون مدخلي لهذا التحقيق هو مقابلة بعض مرضى الربو وحساسية الصدر التي انتشرت بالمنطقة، إلا أن الحال التي صارت إليها مدرسة الأساس بالشيخ علي أثارت حفيظتي، فالمدرسة التي تقع غربي طريق التحدي تفتقد لدورة مياه دعك عن السور المتهدّم والذي كان قوامه الطين اللين فاستغربت جداً وهالني واقع البيئية المدرسية التي ندفع إليها فلذات أكبادنا وبعد وصولي كان عليَّ مقابلة حمزة ادريس (30) سنة وهو مزارع أصيب بالربو الحاد، لم نجد حمزة بالمنزل وعلمت من اسرته أن الاطباء نصحوه بمغادرة بيئته إن كان يروم العلاج، ولو كانت هنالك استحالة في مغادرة البلدة فعليه التحرك الدائم وألا يمكث في المكان أطول من فترة معينة حددوها له وكان لحظة وصول (الصحافة) في جولة وفقاً للوصفة الطبية.. من هنالك اتجهنا صوب منزل خالد الشيخ العمدة حيث ابنه خالد وهو في السابعة من عمره أصيب بحساسية الصدر عندما كان في الخامسة من العمر يقول محمد الذي يتمتع بروح الدعابة وشقاوة الصغار إن معاناته مع المرض تتمثل في الكحة المتواصلة ليلاً يقول والده خالد الشيخ العمدة، اصابة محمد بالربو كانت امراً محزناً لان هذا النوع من الامراض يقيِّد الصغير كثيراً وعندما سألت خالد عن ظهور المرض في الاسرة من قبل اجابني ليس بين أفراد الاسرة من اصيب بالربو او الحساسية، وإن كنت تعتقد ان للأمر علاقة بالوراثة فذلك غير صحيح، كما أن الربو وحساسية الصدر بات مرضاً منتشراً بالمنطقة في اعقاب انشاء مصفاة الجيلي وذلك بسبب الغازات التي لوّثت البيئة بالمنطقة.. اصابة الصغير بنوبات الصدر دفع اسرته لشراء جهاز يساعد الصغير على التنفس حتى بلوغ المستشفى واثناء حديثي الى خالد دخل علينا الشاب حمزة ادريس الذي سبق واشرنا الى انه كان خارج المنزل عند وصولي لمنزله، قلت لحمزة ما هي حكايتك مع المرض؟ فأجابني: «أصبت بحساسية في الصدر بعد عام 2003 والاسرة ليس بها اي مريض اي ان الحساسية التي اصابتني لم تك وراثية». واضاف حمزة ان المرض يشتد عليه بعد تكثيف الغازات الصادرة من المصفاة خاصة في فترة الشتاء التي تشهد انقلاب تيار الهواء فالرياح الجنوبية تعني لي حالة من سكون المرض اما عند مجئ الرياح الشمالية فإنها تأتي محملة بالغازات الصادرة عن المصفاة وهي بالنسبة للمرضى فترة حرجة جداً. ومضى حمزة للقول إن الاطباء نصحوه بالبعد عن القرية لان بيئتها ملوثة ولكن حمزة يرى ثمة استحالة في البعد عن القرية التي توجد بها مزارع واملاك القرية، حمزة اضاف ان اصابته بالازمة اضافة لآثارها الصحية لكنها الحقت اضراراً اقتصادية بليغة بأسرته التي ظلت تعتمد عليه في زراعة وفلاحة الأرض.
في قرية واوسي العكودة التي تفتقد لخطوط الامداد المائي والكهربائي التقيت شيخ ادريس ابراهيم احمد (عامل) حدثني قائلاً ان القرية شهدت في السنوات الاخيرة انتشاراً في امراض الحساسية واجهاض الحوامل، قلت لشيخ إدريس لا مكان لديّ للانطباع الشخصي فمن هن النسوة اللاتي تعرضن للاجهاض فذكر لي الرجل أن زوجتيه تعرضت للاجهاض بسبب التلوث الناجم عن المصفاة كما أنني فقدت من قبل ابني الذي كان في شهره السادس والسبب هو الربو كما افاد بذلك الأطباء بمستشفى الحوادث بالخرطوم.
المشكلة ليست في الواقع البيئي الراهن الذي اورث العباد المرض والتلوث البيئي القاتل، هكذا حدثني عبدالرحيم الطاهر رئيس اللجنة الشعبية بواوسي وسط بل إن الخطر القادم أخطر وعندما سألت الرجل عن ماهية الخطر القادم قال هنالك مخطط لمدينة صناعية جديدة تعمل على تنفيذها ولاية الخرطوم وتجاوز العمل فيها المسح الاولي الى بدء توزيع خطوط المياه، والمنطقة الجديدة وفقاً لحديثه يحدها من الشرق الطريق الدائري إلى المصفاة وغرباً شرقي طريق التحدي ببعد لا يتجاوز الأربعة كيلومترات من الطريق. ويضيف رئيس اللجنة الشعبية بواوسي وسط: « نحن لسنا ضد قيام المنطقة الصناعية طالما جاءت لخدمة الاقتصاد الوطني، وقد سبق لاهل واوسي ان باركوا تشييد المصفاة عندما ادركوا اهميتها وجدواها للاقتصاد السوداني ونسبة لما الحقته المصفة من آثار بيئية فإننا نناشد الولاية بترحيل المنطقة الصناعية الجديدة الى الشرق من الموقع الراهن على ان يقام مشروع زراعي في هذا الموقع حتى تسهم المساحات الخضراء في امتصاص الغازات الصادرة عن المصفاة.
التقارير الصحية الصادرة عن الوحدات العلاجية بالمنطقة والتي حصلت عليها الصحيفة تشير الى ارتفاع واضح في الاصابة بالامراض الناجمة عن التلوث البيئي، فالتقرير الصادر عن شفخانة واوسي وسط الذي حصلت عليه (الصحافة) اشار الى ان نسبة الاصابات بأمراض الربو وحساسية الصدر والسل كانت قبل عام 2000 في حدود (650) مريضاً لتتصاعد معدلات الإصابة بهذه الأمراض بصورة جنونية -على حد وصف التقرير لتبلغ (1500) حالة خلال الفترة من 2000-2008، وفي خطابها الى الرعاية الصحية الاولية بالمحلية والولاية، طالبت اللجنة الشعبية بواوسي الشيخ عبدالقادر بمواجهة الارتفاع المتزايد لحالات الاجهاض بالمنطقة.
الخبير الكيماوي بشير محمد عبيد قال لـ(الصحافة) إن الوضع البيئي بمنطقة واوسي قد تأثر سلباً بقيام مصفاة الجيلي لأن المصفاة تتسبب في تلوث الهواء نتيجة للسحابة الضبابية السوداء التي تتكوّن من بخار الماء والدخان وبعض الغازات خاصة أن المصفاة تطلق في الهواء (100) مادة كيماوية تتضمن غازات ثاني اكسيد الكربيتوالميثان والدايوكسين وكلوريد الهايدروجين والكلور والبنزين والامونيا، ومعظم هذه الغازات مسببة لظاهرة الاحتباس الحراري ولها أضرار على صحة الانسان والحيوان، كما يمتد أثرها ليشمل النبات، ويضيف بشير محمد عبيد وهو اضافة لخبرته العلمية فهو عضو بالجمعية السودانية لحماية البيئة ورئيس فرع الجمعية بمنطقة واوسي يضيف قائلاً إن الآثار البيئية للمصفاة قد اثرت سلباً على منطقة واوسي الواقعة في المصفاة، وقد اشارت التقارير الطبية الواردة من الوحدات العلاجية بالمنطقة إلى بروز الأمراض الناجمة عن التلوّث والغازات الضارة مثل الكبريت وأكاسيده.. وانتقد بشير التصريحات المنسوبة للمدير التنفيذي للمصفاة والتي أشار فيها الى عدم ضرر غاز الكبريت والغازات الاخرى الصادرة عن المصفاة على الانسان، واصفاً ذلك الحديث بأنه استخفاف صريح بعقول البشر لان اطلاق الكبريت في الهواء ينتج عنه ثاني أكسيد الكبريت وبوجود الاكسجين في الهواء ينتج ثالث أكسيد الكبريت وجود اكاسيد الكبريت في الغلاف الجوي يسبب التهابات الجزء العلوي من الجهاز التنفسي، اضافة الى التهاب العينين وبالنسبة للتراكيز العالية فإن خمسة اجزاء في المليون لثاني اكسيد الكبريت وجزء واحد في المليون من ثاني اكسيد الكبريت يتجاوز أثرها الأجزاء العليا من الجهاز التنفسي الى تحطيم الخلايا الرئوية خاصة وسط كبار السن ليمتد الأثر السالب للنبات من خضر وفواكه وغيرها لتظهر عليها البقعة الصفراء ويمتد الأثر لهطول الامطار الحمضية ذات الآثار المدمرة على كافة الاحياء.
سألت اهل واوسي.. ماذا تطلبون؟ فقال عبدالرحيم الطاهر رئيس اللجنة الشعبية بواوسي وسط إننا نناشد ولاية الخرطوم ووزارة التخطيط العمراني بالولاية العمل على ايقاف العمل بالمنطقة الصناعية الجديدة والعمل على نقلها شرقاً بعيداً عن القطاع السكني مع العمل على قيام المشروع الزراعي في الأراضي المقترحة للمنطقة الصناعية الجديدة، لأن قيام المشروع يسهم في تنقية البيئة من خلال امتصاص القطاع النباتي للكثير من الغازات السامة العالقة في سماء المنطقة، ووافقه بشير محمد عبيد الخبير الكيماوي الذي طالب بإبعاد المنطقة الصناعية الى مسافة (45) كيلومترا مع اقامة محطة قياس للتلوث بالمنطقة واشتراط الحصول على دراسة جدوى بيئية لأي مشروعات صناعية مرتقبة.
(الصحافة) نقلت قضية التلوث البيئي بمنطقة واوسي للدكتور محمد علي عبدالحليم مستشار الولاية للبيئة وقلت له: إنه ورغم حالة الاختناق التي تعانيها المنطقة فإن الولاية تسعى لاقامة اكبر منطقة صناعية مما يعني المزيد من المخاطر فقال: «هنالك توجيه تخطيطي من الولاية يقضي بإبعاد المنشآت الصناعية عن المناطق ذات القطاع السكني، كما انه لن تكون هنالك اية مناطق صناعية جديدة إلا بعد اكتمال المخطط الهيكلي للخرطوم الكبرى» وهنا قاطعت المستشار بأن الولاية بدأت التنفيذ بدليل خطوط المياه التي يجري تنفيذها فقال: إن خطوط المياه المشار إليها تأتي في اطار استراتيجية الولاية الرامية لتوفير الامداد المائي للقرى ومناطق الريف والمخططات السكنية الجديدة.. ومضى دكتور محمد علي للقول «بالنسبة لمنطقة واوسي فقد كان هنالك اجتماع عام بحضور المعتمد وأكثر من (600) شخص شمل تمثيل اللجان الشعبية والشخصيات العامة واستمع الاجتماع لوجهة نظر مواطني المنطقة وأكد الاجتماع على عدم إلحاق أي أضرار بسكان المنطقة بإقامة منشات صناعية جديدة».
من المحرر:
سكان المناطق التي ستضيف المشاريع القومية الكبرى ينالهم الكثير من خيراتها فكنانة عمدت في بواكير سنواتها على توفير شبكات المياه وأقامت المدارس النموذجية وأنشأت المستشفيات التي استجلبت لها أميز الكوادر في الحقل الطبي، وكذلك الأمر في مناطق البترول وفي الجزيرة امتدت خدمات التنمية الاجتماعية للقرى والبلدات على امتداد المشروع، أما في واوسي فيبدو أن أهلها لن ينالوا من خير المصفاة إلا غازاتها القاتلة، لقد رأيت بأم عينيَّ مدارس الأساس التي تفتقر للبيئة المدرسية فمدرسة الشيخ علي تفتقر لدورات المياه دعك عن سور المدرسة المتهالك الذي ينتظر مال التنمية بالولاية.. أما حلم أهل واوسي العكودة في خطوط الامداد الكهربائي والمائي فيبقى كالعنقاء والخل الوفي وحتى لا نبخس الناس اشياءهم فقد قدمت المصفاة بعض الدعم لعدد من المساجد المحدودة بالمنطقة هكذا حدثني الأهالي..